جمعية واعد للأسرى :340 طفل أسير يعانون تعذيب وقسوة السجان
2009-05-12 17:08:26
تعذيب وأَسر، وقسوة جنود، من دولة تنتمي إلى الأسرة الدولية، وتنتهك قوانينها وأخلاقها حيث تعتبر الـمحاولات الإسرائيلية الـمتواصلة لتبرير إساءة معاملتها للفلسطينيين وتعذيبهم بمن في ذلك الأطفال، وإضفاء الطابع "الشرعي" على هذه الأعمال والـممارسات بحجة مكافحة "الإرهاب" ومقاومة "العنف" الفلسطيني غير شرعية، وتفتقر لأي أساس قانوني، خاصة أن التعذيب محظور بصورة مطلقة تحت كـافة الظروف. ففي الوقت الذي ينظرفية المجتمع الدولي ببالغ الأهمية للأطفال الذين يعدون شريحة واسعة منه، ولما يشكلوه من عماد للمستقبل والأساس الذي يمكن أن ينشأ به مجتمع مسالم خالي من الحروب والأزمات، تعتقل إسرائيل المئات من الأطفال و يرفض الاحتلال الإسرائيلي تلك الاتفاقيات ويتعامل معها باستهتار واستخفاف وقد جعل الطفل الفلسطيني هدفاً لانتهاكاته وتجاوزاته بحق الشعب الفلسطيني.
فسلطات الاحتلال تحرم الأطفال الأسرى من أبسط الحقـوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية، والاتفاقيات الحقوقية، هذه الحقوق الأساسية التي يستحقها المحرومون من حريتهم، بغض النظر عن دينهم وقوميتهم وجنسهم وديانتهم.
إحصائيات الأطفال
أكدت جمعية واعد للأسرى بان سلطات الاحتلال اعتقلت ما يزيد عن (3500) طفل منذ انتفاضة الأقصى ولا تزال تحتجز (340) منهم في سجونها من بينهم (7) زهرات، في ظل ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الحياة الأساسية، موزعين على عدة سجون هى سجن تلموند (104) طفل أسير، و"سجن عوفر" (80) طفل أسير، و"النقب" (38) أسير و"مجدو" (54) طفل أسير، والباقي موزعين على العديد من مراكز التحقيق والتوقيف الإسرائيلية، وحسب الحالة القانونية للأطفال فان هناك (213 ) طفلاً محكوماً، و(107) طفل موقوف بانتظار محاكمة، و(10) أطفال يخضعون للاعتقال الإداري بدون تهمة.
وقد كان لمدينة نابلس الحصة الكبرى في اعتقال الأطفال حيث أن (83) من الأطفال الأسرى هم من نابلس، ثم يليها بيت لحم حيث يصل عدد معتقليها من الأطفال (52) طفلاً أسيرا، ثم رام الله (50) طفلاً أسيرا.
وأوضح تقرير الجمعية بان (82) طفلاً أسيرا يبلغون من العمر (15) سنة وأقل، ومن بينهم أسيران لم تتجاوز أعمارهم الـ(13) عاماً،وأن هناك (450) من الأطفال الأسرى اعتقلوا وهم أطفال وتجاوزوا سن 18 داخل السجن ولا يزالون في الأسر، مشيراً إلى أن 99 % من الأطفال الذين اعتقلوا تعرضوا للتعذيب وعلى الأخص وضع الكيس في الرأس والشبح والضرب.
مخالفة للقوانين
ويؤكد التقرير بأن حكومة الاحتلال تنتهج سياسة التمييز ضد الأطفال الفلسطينيين، حيث يستند الجهاز القضائي الإسرائيلي في استصدار الأحكام ضد الأسرى الفلسطينيين صغار السن للأمر العسكري رقم "132" الصادر من قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، والذي حدد فيه سن الطفل من هو دون السادسة عشر، بما يخالف نص المادة "1" من اتفاقية الطفل والتي عرفته بأنه (يعني طفل كل إنسان ولم يتجاوز الثامنة عشر ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.
وفى نفس الوقت فهي تتعامل مع الأطفال الإسرائيليين خلاف القانون التي أقرته من خلال نظام قضائي خاص بالأحداث، وتتوفر فيه ضمانات المحاكمة العادلة، فهي تعتبر الطفل الإسرائيلي هو كل شخص لم يتجاوز سن 18 عاما، وخلافا لالتزاماتها بتوفير ضمانات قضائية مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاكمتهم بموجب اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني، طبقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أوامر عسكرية عنصرية على الأطفال الفلسطينيين الأسرى، وتعاملت معهم من خلال محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة، خصوصا الأمر العسكري 132، الذي يسمح لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال في سن 12 عاما
الأطفال المرضى
وأوضحت جمعية "واعد"بان القوانين الدولية تنص بصراحة على ضرورة الرعاية الطبية للأسرى وقد جاء في المادتين 91 و92من اتفاقية جنيف الرابعة (يجب أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية، وكذلك تركيب أي أجهزة طبية ضرورية للمحافظة على صحتهم في حالة جيدة، وبشكل مجاني.
"ويجب أن تجرى فحوص طبية للمعتقلين مرة واحدة على الأقل شهرياً، والغرض منها مراقبة الحالة الصحية والتغذية العامة، والنظافة، وكذلك اكتشاف الأمراض المعدية، ويتضمن الفحص بوجه خاص مراجعة وزن كل شخص معتقل، وفحصاً بالتصوير بالأشعة مرة واحدة على الأقل سنويا".
ولكن إدارة السجون الإسرائيلية سواء التابعة للجيش أو لمصلحة السجون تضرب بتلك القواعد الدولية ذات العلاقة بالرعاية الطبية والصحية للمعتقلين المرضى عرض الحائط، وخصوصاً الأطفال الأسرى، حيث يوجد بين الأطفال الأسرى (100) طفل مريض أي ما نسبته 30 %، يعانون أمراض مختلفة، ومحرومون من الرعاية الصحية والعلاج المناسب، وغالبا ما تكون أقراص المسكنات (الأكامول) هي العلاج لشتى أنواع المرض، ولا توفر إدارة السجون طبيب مختص لعيادات السجون، وعادة ما يتوفر ممرض فقط ، وتماطل إدارات السجون في موضوع إخراج الأطفال المرضى إلى العيادة الطبية، في ظل إهمال متعمد مما ينذر بزيادة الحالات المرضية بين الأطفال، ومن أهم العوامل التي تساعد على انتشار الإمراض قلة النظافة وانتشار الحشرات، والفئران في الأقسام والسجون التي يحتجز بها الأطفال، الأمر الذي ساعد بشكل خاص على انتشار الأمراض الجلدية المعدية بين الأطفال الأسرى،ومن بين الأطفال المرضى هنالك( 18) طفل جريح، جراء إصابتهم بالرصاص أو شظايا نتيجة انفجارات، وهناك (10) آخرين مصابين بالآم في الرأس، كذلك فان هناك (
أسرى بمصابين بأمراض عصبية ونفسية
حرمان من الحقوق
وأشار تقرير الجمعية إلى أن سلطات الاحتلال تحرم الأطفال الأسرى من أبسط الحقـوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية، والاتفاقيات الحقوقية، هذه الحقوق الأساسية التي يستحقها المحرومون من حريتهم، بغض النظر عن دينهم وقوميتهم وجنسهم وديانتهم، وهذه الحقوق تشتمل على الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، والحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على محامٍ، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق في المثول أمام قاضٍ، والحق في الاعتراض على التهمة والطعن فيها، والحق في الاتصال بالعالم الخارجي، والحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل.
ووضع الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال، يخالف نص المادة (33) من اتفاقية حماية الطفل والتي تنص على (تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية لوقاية الأطفال من الاستخدام غير المشروع للمواد المخدرة والمواد المؤثرة على العقل، حسبما تحددت في المعاهدات الدولية ذات الصلة) والمادة (34) من نفس الاتفاقية ونصها (تتعهد الدول الأطراف بحماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال والانتهاك الجنس
ظروف اعتقال قاسية
وأضاف التقرير بان الأطفال الأسرى في السجون والمعتقلات يعانون من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى، فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا يتوفر فيها تهوية وإنارة مناسبتين، والإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية،ونقص الملابس، وعدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية، والانقطاع عن العالم الخارجي، والحرمان من زيارة الأهالي، وعدم توفر مرشدين وأخصائيين نفسيين، والاحتجاز مع البالغين، إضافة إلى الاحتجاز مع أطفال جنائيين، والإساءة اللفظية والضرب والعزل والعقوبات الجماعية، وتفشي الأمراض ، كما أن الأطفال محرومون من حقهم في التعلم،كما أن سلطات الاحتلال اتخذت من قضايا الأسرى الأطفال مورداً للدخل من خلال استمرار سياسة فرض الغرامات المالية الجائرة والباهظة عليهم من خلال قاعات المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وخاصة في محكمتي "عوفر" و"سالم" ، التي تحولت إلى سوق لابتزاز ونهب الأسرى وذويهم، فلا يكاد يخلو حكم إلا برفقه غرامة مالية قد تصل إلى 10 آلاف شيكل، الأمر الذي أرهق كاهل عائلاتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أصلا في الأراضي الفلسطينية
وذلك كله يتعارض مع اتفاقية حماية الطفل وبشكل خاص المادة 16 منها والتي تنص على:
لا يجوز أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته، والتى تنص أيضا على أن للطفل الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس ) كما أنه لا يتم مراعاة حداثة سن الأطفال أثناء تقديمهم للمحاكمة، ولا تشكل لهم محاكم خاصة وفقاً للبند رقم (3) من المادة (40) من اتفاقية الطفل والتي تنص على (قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة بالعمل في دعواه دون تأخير في محاكمة عادلة وفقاً للقانون.
شهادة طفل تعرض للتعذيب
وحسب شهادة أحد الأطفال الأسرى (17 عاما)، من بيت لحم انه تعرض للاعتقال من منزله على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل شهرين ونصف، حيث داهمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال منزله في منتصف الليل وقام الجنود بإغماض عينيه وتقيده ثم اقتادوه في الجيب إلى مستوطنة معاليه ادوميم. وهناك ادخل إلى غرفة التحقيق وقاموا بتعذيبه عن طريق صفعه على وجهه عدة مرات فوقع على الأرض. ثم قام الجنود بعد ذلك بضربه بعصا واستمر الوضع على هذا النحو عدة ساعات، وبعد ذلك قام احد المحققين المشتركين في عملية التحقيق بتسليط مصباح كهربائي على وجهه لفترة طويلة مما أدى إصابته بحروق لا تزال آثارها بادية على وجهه وأنفه حتى اليوم، وبعد ذلك قام الجنود بإحضار كلب متوحش وتم تهديده بأنه سيتم إفلات الكلب عليه لمهاجمته، وإثناء ذلك قام الطفل الأسير بإخبار المحققين بأن ساقه تؤلمه جداً وانه بحاجة إلى العلاج ، عند ذلك قام المحقق بضربه بشدة على الساق، ثم بعد ذلك قام المحقق بإجباره على التوقيع على أوراق مكتوبة باللغة العبرية لا يدري ما فحواها، ثم استمر التحقيق معه حتى ساعات الصباح الباكر. حيث تم نقله إلى معسكر أبو ديس أو ما يسمى (الجبل) وكان الجنود أثناء الطريق يضربونه بشكل جماعي وهو مغمض العينين، وبعد قضاء أربعة ساعات في معسكر الجبل تم نقله إلى سجن عصيون، حيث قام الجنود هناك بتعريته وتفتيشه بشكل مذل ولا أنساني. ولا يزال الطفل موقوفاً في معسكر عتصيون.
استثناء الأطفال
واستهجنت جمعية واعد للأسرى والمحررين إصرار سلطات الاحتلال على الإبقاء على الأطفال الأسرى رهينة في سجونها وعدم وضعهم على قوائم الإفراجات التي تدعى تنفيذها كبادرة حسن نيّة، والتى لا تتعدى كونها خطوة شكلية الهدف منها الالتفاف على قضية الأسرى وخداع الرأي العام العالمي، ففي الوقت الذي تفرج فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن بضع مئات من الأسرى الذين شارفت محكومياتهم على الانتهاء، لا زالت تحتجز المئات من الأطفال والمرضى والأسيرات والأسرى القدامى، وهؤلاء لم تشملهم خطوات حسن النوايا المزعومة وأكدت الجمعية بان اعتقال الأطفال يندرج ضمن سياسة التحكم والسيطرة الشاملة التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين، وما يؤكد ذلك إن سلطات الاحتلال لا تتعامل مع اعتقال الأطفال كخطوة أخيرة ولأقصر فترة ممكنة بل اعتبرتهم مخربين وإرهابيين، في محاولة منها لعدم تطبيق القانون الدولي عليهم،وأضافت الجمعية أن مبادرة حسن النية التي تدّعيها سلطات الاحتلال ما هي إلا مناورة ودعاية لا تنطوي على أية نية حقيقة أو توجه إيجابي لإنهاء هذا الملف الاعتقال الدامي، ويبدو أن الدافع الحقيقي وراءها هو تخفيف حدة الاكتظاظ داخل السجون.
وناشدت الجمعية منظمات الأمم المتحدة المعنية بالأطفال وبحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للصليب الأحمر وكافة المنظمات الحقوقية الدولية الضغط على حكومة إسرائيل لتتحمل مسؤولياتها بموجب اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية جنيف الرابعة، وأن تراعي المصلحة العامة للأطفال الفلسطينيين الأسرى بالإفراج عنهم ووضع حدّ لمعاناتهم، والانطلاق من مبدأ أن اعتقالهم يعتبر مخالف للقوانين الدولية، ودعت الجمعية لوضع قضية الإفراج عن الأطفال على سلم الأولويات لدى أسرى الجندي جلعاد شاليط