الحوار

موضوع: الحوار الإثنين يناير 11, 2010 4:10 pm

الحوار

كم ينسينا الإلف وتنسينا العادة عظم نعم الله تعالى علينا وسعة رحمته بنا، ويأتي القرآن يذكرنا لنجدد الشكر والعهد على تسخيرها فيما يرضي الله سبحانه وتعالى ونستغفر من تقصير لا فكاك منه.

ألا ما أعظم نعمة النطق والبيان حين تأتي مرتبطة بذكر اسم الله تعالى "الرحمن"، وفي الظلال "إننا نرى الإنسان ينطق ويعبر ويبين ويتفاهم ويتجاوب مع الآخرين، فننسى بطول الألفة عظمة هذه الهبة، وضخامة هذه الخارقة، فيردنا القرآن إليها، ويوقظنا لنتدبرها، في مواضع شتى"
منذ بدء الخليقة، ومن قبل أن يهتدي البشر لقيمة الحوار كان آدم ينطق ويتعلم الأسماء، هكذا كانت إرادة الله تعالى لحياة راقية تؤسس على هذا الكوكب يصنعها البشر على اختلاف ألسنتهم وألوانهم بالحوار..
الحوار الذي سمح الله تعالى به للملائكة لتعترض على تواجد البشر على الأرض، ويعلن الشيطان عن سياسة الإغواء والإضلال لبني آدم، ويعتذر آدم عن معصيته، الحوار الذي من خلاله راجع الحبيب صلى الله عليه وسلم ربه لتخفيف الصلاة عن المسلمين.. الحوار الذي عن طريقه اعترض الفاروق رضي الله عنه في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتتنزل الآيات موافقة لرأيه، وكم كان للصحابة من اقتراحات ورؤى وأفكار.. الحوار الذي كان الآلية المعتمدة عند المناظرات ابتغاء الوصول للحق على مر العصور..
فمن أحق بالحوار منا نحن المسلمون؟
و في عصر العولمة وحاجتنا لتدويل عالمية الإسلام، هل أدركنا قيمة الحوار وإتقان آلياته وتحديد مساراته؟
فهل نحن حقاً كأمة مسلمة بحاجة إلى حوار على مستوى الأفراد والجماعات، من اجل ماذا نتحاور، ومع من، وكيف تتم هذه الحوارات ؟
الكل ينادي بالحوار، حقيقةً أو (ديكورا) وعلامة على مسايرة ركب الحضارة، فما أكثر المؤتمرات واللقاءات وتأسيس اللجان وإدراج التوصيات، فعلى سبيل المثال انعقد في دولة قطر وحدها أكثر من 70 مؤتمراً دولياً وإقليمياً ومهنياً خلال السنوات الأربع الماضية، إضافة إلى عشرات المؤتمرات والمهرجانات المقرر عقدها هذا العام؛ لعل آخرها المؤتمر الدولي السادس "الديمقراطيات الجديدة أو المستعادة"، هل من أجل أن نتكلم فقط ؟ هل يوجد من لديه الاستعداد للسماع والإنصات، وهل للحوار قواعد وأصول وآداب؟
هل الحوار لا زال لغة النخبة والطبقة المثقفة، هل من دلائل تشير إلى اقترابه من العامة، وهل هذا مطلوب، وهل سيعود بالنفع والفائدة على ارتقاء العقلية العربية وتحسين طرق التفكير لديها؟

الحوار "العربي العربي" هل مؤسس له في مجتمعاتنا، داخل الأسرة؟ أثمة حوار بين الآباء والأبناء ؟ كيف انعكست عليه ثورة التقنية والاتصالات؟ فالأب أمام الفضائيات والبنت في حوارات "جوالية" ! والابن في حوارات "إنترنتية" والأم في لقاءات "ماسينجرية"، لا شك أن هذه التقنيات من نعم الله علينا ولكن ألا يحتاج الحوار عن طريقها إلى الكثير من الاتزان والوسطية والموضوعية، فلا يزحف الصمت ليعشش في قنوات الحوار الطبيعية عبر الأحاديث الدافئة بين أفراد الأسرة الواحدة، وأفراد المجتمع الواحد ؟
وهل حققت هذه الوسائل الحديثة بدورها ألواناً ناجحة من الحوار؟
ما نصيب الحوار من مجالسنا النيابية في مجتمعاتنا لمناقشة ومعالجة مشاكلنا وما يواجهنا من تحديات ومتغيرات ؟
و ما طبيعته بين الحاكم والمحكوم وبين الأحزاب الموالية لتظم الحكم، والأخرى التي تقف في صف المعارضة ؟
وما مدى جديته بين التيارات الثقافية المختلفة الإسلامية والعلمانية والليبرالية...الخ؟
و ما حظه من مؤسساتنا التعليمية، بين الطالب والمعلم، بين المعلم والموجه...؟
و ما مدى اعتماد الإعلام الهادف لتفعيل آلياته بعد أن بات واضحاً بما لا يدع مجالاً للشك أن الحوار مع المتصلين عبر البرامج الفضائية على سبيل المثال، إنه علامة نجاح قوية لهذه المادة الإعلامية، ربما بما يعادل أو يقترب من المحتوى الثقافي أو الفكري الذي تنطوي عليه هذه المادة والشخصية التي تقوم بتقديمها.
الحوار بين الدول العربية، هل حقق إنجازات على أرض الواقع، وهل شعرت بها الشعوب؟
مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية في كافة مجتمعاتنا العربية، هل لها دور في تأسيس ثقافة الحوار، وهل يمكن أن تحقق ما لم تحققه الحكومات؟

(الحوار مع الآخر ) ما لمقصود بالآخر، ولماذا تتجه أبصارنا دوماً صوب المخالف لنا في الدين والعقيدة وتحديداً من يعيش في أوربا وأمريكا ؟ أين الحوار مع الآخر في كافة مناطق العالم ؟
(حوار الأديان ) حقيقة أم ملهاة لنا نحن المسلمين، هل نرفضه كلية تماشياً مع نظرة المؤامرة، أم هو وسيلة ليتعرف الآخر علينا مثل كل الوسائل، لها ما لها وعليها ما عليها ؟
الحوارات التي تمت في كوبنهاجن والبحرين إبان أزمة الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، هل حققت شيئاً ؟
أجندة الحوار مع الآخر الأوربي والأمريكي وبخاصة عند الحوار السياسي، هل هي مفروضة اليوم علينا بالكلية، أم لا تزال هناك مساحة للقبول والرفض؟
هل سيقتنع العالم اليوم بقدرة المسلمين على الحوار من دون تقديم نموذج تطبيقي ومتحضر لهذا الحوار؟

شارك برأيك .