الهوايه : مزاجي : الدوله : الجنس : عدد المساهمات : 128نقاط : 1486تاريخ الميلاد : 15/12/1990العمر : 33 الموقع : موقع ومنتديات عائلة النحال
موضوع: الغربة الإثنين يناير 11, 2010 4:04 pm
الغربة
ها هي الأيام تسرع و الساعات تقترب ، ما يفصله عن وطنه إلا القليل منها ، يكاد حلمه أن يصبح حقيقة ، بعد أن أنهى دراسة الدكتوراة في الهندسة النووية ، تتسابق الأفكار إلى ذهنه و يزدحم بها عقله و هو يقدم أوراق الاستقالة من منصبه الذي عمل به فترة لاكتساب خبرة إضافية ليتمكن من العودة إلى وطنه و من ثم المساهمة في رفعة شأنه في هذا المجال الحيوي اليوم ، و لكن السؤال الذي توجه به المدير إليه جعله يستفيق للحظات من هذه الأحلام الجميلة ، و هل أنت واثق من حصولك على عمل في وطنك يتناسب و إمكاناتك العلمية اليوم، نعم بكل تأكيد حسناً لن اقبل الاستقالة و سأضع الأوراق في درج المكتب و سأمنحك إجازة لمدة ستة أشهر ، و نرى.
وافق على مضض ، ولم يدر بخلده لحظة انه يوماً ما سيحمد لهذا المدير هذا الاقتراح .
عاد إلى وطنه و استلم عمله على الورق ، و لكن شتان ما بين أوراق و أوراق ، مرت الأشهر الست، لم يقف في معمل و لم يتمكن من إجراء تجربة واحدة ، و عاد من حيث أتى .
طيورنا المهاجرة و التي لا تعرف لهجرتها مواسم محددة فهي لا تتوقف ، هذا النزيف المتكرر الذي مدّ و يمد حضارة الغرب بأفكار و إبداعات عقول أبناءنا، قديماً د. سميرة موسى عالمة الذرة المصرية ، العالم المصري د. مصطفى مشرفة ، يحيى المشد عالم الذرة العراقي و الذي تم اغتياله في باريس قبل تفجير المفاعل النووي في العراق ، مجدي يعقوب أشهرجراحي القلب في بريطانيا و الذي منحته ملكتها لقب "سير" ، د. احمد زويل مكتشف الفيمتو ثانية ، في وكالة ناسا الفضائية، في كل المجالات حيث البحث العلمي و إتاحة الفرصة للعقل كي يبدع ، تجدهم والكثير ممن لمعت أسماؤهم و ساهموا في صناعة حضارة الغرب ، يعيش العالِم منهم صراعاً مريراً مع نفسه بين رغبته في العودة إلى وطنه ليشيد بخلاصة فكره و من خلال ثروته العلمية مجد وطنه ، فإذا الشعور بالإحباط و خيبة الأمل في أغلب الأحوال ، و بين أن يصبر على آلم الغربة و الإحساس الذي يمزقه - و الذي يخفت بمرور الوقت لقاء ما يلقاه من حفاوة و تكريم و تقدير لجهوده العلمية - و هو يساهم في صناعة هذه الحضارات و أمته تصطلي بنيران التخلف ، فهل يتحمل وحده هذه النتيجة فكان عليه أن يصبر و يبني في وطنه رغم قلة الإمكانات و الحوافز ، أم أن عذره مقبول .
هل ظاهرة إصرار الكثير من الشباب العربي للهجرة و الاستقرار في دول الغرب هي انعكاس لما لحِقَ بهؤلاء العلماء ؟ و لكن ماذا عن أوضاعهم هناك بين الذوبان في هذه المجتمعات و تشربهم لقيمها و عاداتها التي لا تتفق و شريعتنا الإسلامية مما حدا بأحد الدعاة باقتراح ما أُطلق عليه "زواج فريند" لأسلمة العلاقة بين الولد و البنت و تلبيسها اللباس الشرعي الذي ينفي عنها شبهة الزنا ، و بين صراعهم الشديد من أجل الحفاظ على الهوية و الانتماء ، و في ظل هذا الشعور المتنامي نحو التمسك بالإسلام بل و الدعوة إليه من خلال المراكز الإسلامية و المؤتمرات و الفعاليات المتنوعة و المنتشرة في أوربا و أمريكا ، و في ظل أيضاً الكثير من الاضطهادات و المضايقات التي يلقاها هؤلاء الشباب و بخاصة بعد أحداث سبتمبر كيف يمكن تقييم محصلة هذه الغربة ، و هل تصب في صالح المشروع الإسلامي للأمة كلها أم العكس ؟
ماذا عن مشاكلهم الفقهية و ما يعترض حياتهم من أمور و مستجدات يحتاجون فيها إلى فتاوى تراعي أحوالهم في هذه المجتمعات ، هل يتبعون مجلس الإفتاء الأوربي مثلاً ، أم يتبعون فتاوى العلماء في المنطقة العربية مع بعدهم عن خصائص هذه المجتمعات مما يضعف حضور عنصر "فقه الواقع" لدى العالم عند إصدار الفتوى .
عندما يحمل الشاب أو الفتاة جنسية هذا البلد الذي يعيش فيه ، فما موقف الشرع من انتمائه لهذا الوطن الجديد و احترام قوانينه و العمل لأجله ؟
عندما نتحدث عن الغربة و أحوال المسلمين خارج منطقتنا العربية ، لماذا لا يتبادر إلى أذهاننا أحوالهم في النصف الشرقي من الكرة الأرضية في دول مثل الصين و اليابان و روسيا و الهند ؟
أحوال المسامين في الغربة ، هل هي أزمة من أزمات العالم الإسلامي لم يقبلها بعد كواقع فرض نفسه عليه أن يتعامل معها و يحسن توظيفها كمجال رحب للدعوة لهذا الدين ، أم هي الفوضى و العشوائية و عدم التخطيط الجيد .
أحوال المسلمين في الغربة ما نصيبها من إعلامنا الإسلامي ، في الفضائيات ، على مواقع الإنترنت ، من خلال المواد المقروءة و المسموعة ، من حيث مناقشة أحلامهم ، طموحاتهم ، مشاريعهم ، ظروفهم الاجتماعية ، الاقتصادية ، الثقافية ، تواصلهم مع مجتمعاتهم العربية .
أحوال مسلمين في الغربة ملف مفتوح ، من الأحق بمناقشته ، نحن هنا ، أم هم هناك ؟ شارك برأيك