الهوايه : مزاجي : الدوله : الجنس : عدد المساهمات : 128نقاط : 1486تاريخ الميلاد : 15/12/1990العمر : 33 الموقع : موقع ومنتديات عائلة النحال
موضوع: المتعة الإثنين يناير 11, 2010 4:00 pm
المتـــــعة
إن ما عند الله خير وأبقى، والجنة هي التي نطمع أن يدخلنا ربنا فيها برحمته.. هي دار المقامة . لا نصب فيها ولا لغوب..نعيم مقيم .. وعطاء غير مجذوذ.. وقد متّع الله قوم يونس عليه السلام في الدنيا بسبب إيمانهم. وعذب الله آخرين بكفرهم.. وقد خلق الله الدنيا ليعمرها الإنسان وليكون خليفة لله في الأرض ، يوحد الله ويعبده.. ووعد الله عباده المؤمنين بالنعيم في دار الخلد، وتوعد الكافرين بنار جهنم. وقد ذم الله الدنيا والركون إليها واتباع شهواتها..فوجد أناس متعتهم في اعتزال الدنيا وأهلها -دار المتاع القليل-. وآخرون لم يعرفوا من المتعة إلا اللذة الحرام، فاتبعوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن.. وعبدوا الشيطان واتبعوا خطواته.. وجاء الإسلام يدعو إلى الوسطية، فلا رهبانية، وحذر من اتباع الشهوات وظلم النفس إن تعدت حدود الله.. وكثير فهموا أن مخالطة الناس والصبر على أذاهم خير؛ إلا أن بعضهم خشي على نفسه من حتى أن يبتسم في وجوههم، وردد كيف ابتسم وانتهاكات هنا وقتل وتشريد هناك .. وحرمات تستباح..؟! وحرّموا أنفسهم وأهليهم زينة الحياة الدنيا وما أخرج الله لعباده من الطيبات والرزق.. لدرء المفسدة أو إيثار السلامة.. فحرم من حوله كلمةً تبعث السرور في قلوبهم.. ولا أبالغ إن قلت إن كثيراً من المسلمين اليوم بل إن كثيراً ممن سلكوا طريق الدعوة رفضوا مجرد الدعابة أو بعث السرور في قلوب من حولهم، وعدوا ذلك مضيعة للوقت و إلغاء للوقار ونفياً للمهابة..
يقول الصحابي الجليل حنظلة الأسيدي: لقيني أبو بكر وقال: "كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله، ما تقول؟ قلت: نكون عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يذكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عنده عافسنا – لاعبنا وخالطنا - الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا! فقال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. قال حنظلة: فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافَسْنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيرا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة – وكررها ثلاثا" رواه مسلم في صحيحه. وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين فسحة في حياتهم رغم مسؤولياتهم وانشغالهم بتبليغ دين الله والجهاد في سبيله..
وقد فرض الله لعباده يومي عيدٍ من كل سنة، أمرهم بالاجتماع عليهما وأذن لهم فيهما بإظهار الفرح والابتهاج، وأحاطهما بأحكام تشريعية تحقق تمام المراد منهما، فحرّم فيهما الصيام..وأمر بخروج الناس إليها، حتى أمر بإخراج النساء والصبيان إليهما.. هذا كله لتعميق استقرار النفس البشرية؛ هذا الاستقرار الذي هو من أصول حاجاتها، فإنه لا انطلاقة لها في الحياة لتحقيق الإنجازات المعنوية والحسية إلا به. الإسلام دين واقعي يعامل الناس على أنهم بشر وليسوا ملائكة، فهكذا خلق الله النفس، من صفاتها الملل، ومن مستلزماتها الترويح والترفيه، دون تأثيمٍ ولا توبيخٍ ولا معاتبة نفس، وهذا ما فعله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكرٍ وحنظلة رضي الله عنهما، وهي إذن سنُّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا نتركها، وإنما نوجِّهها الاتجاه الصحيح، فلا يكون ترفيهنا في حرام، ولا يستهلك الترفيهُ حياتَنا كلَّها.. فما هي المتعة ؟ وما حدود المتعة في الدنيا ؟ وكيف يملك المسلم نفسه من اتباع الشهوات في زمن تحاصره فتن كقطع الليل المظلم .. في الشارع والبيت والعمل والسوق؟ وهل هناك مساحة يصفو عيش المسلم فيها وهو يرى مصاب المسلمين ودماءهم تستباح؟.. وهل للمؤمن نصيب من المتعة في الدنيا أم أن الفرح كله مؤجل للآخرة..؟ هل عشت تجربة أحسست فيها بمتعة وحلاوة في قلبك؟